Lost in Translation!


فيلم هادئ جدًا يناقش قضايا الأرق والوحدة والاختلافات الثقافية. أول مرة شاهدت إعلان الفيلم أسرني عنوانه، “ضائع في الترجمة!”
سألت نفسي هل نضيع في الترجمة؟ هل من الممكن أن يضيع أحد في الترجمة؟ قررت البحث عن إجابة هذا السؤال، ووجدت إجابة صادمة؛ نعم قد نضيع في الترجمة، بل أن هناك مواطن يمني اسمه “عماد حسن” ضاعت حريته في الترجمة!
تبدأ القصة في صيف 2001، عندما قرر عماد عبد الله حسن؛ الشاب اليمني اليافع- 21 عامًا- السفر إلى فيصل آباد بباكستان لدراسة القرآن الكريم في جامعة صغيرة. وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة، والغزو الأمريكي لأفغانستان بعدها، داهمت السلطات الباكستانية المنزل الذي يقيم به عماد حسن مع 14 طالب آخر، وألقت القبض على الجميع بما فيهم عماد حسن، وبعد شهرين من الاحتجاز والتحقيق سلمت السلطات الباكستانية عماد إلى السلطات الآمريكية في أفغانستان. وبحلول ربيع 2002؛ وجد عماد حسن نفسه في قبضة السلطات الأمريكية. لم يكن عماد مدركًا في تلك اللحظة التي جلس فيها في تلك الخيمة، داخل سجن أمريكي عسكري في قندهار،على كرسي ويديه مقيدتين خلف ظهره أن كلمة ضائعة في الترجمة ستكلفه حريته لأعوام قادمة!
عندما جلس عماد أمام الجندي الأمريكي الذي يحقق معه؛ قرر أنه سيقول الحقيقة لينجو بنفسه فهو لم يرتكب أي جريمة أو يقدم على عمل ضد القانون، جلس الجندي الأمريكي ومعه مترجم أمام عماد، وطرح سؤاله على عماد “هل لديك أي صلة بالقاعدة؟” لم يكن عماد يجيد الإنجليزية، فترجم المترجم له السؤال بلغة عربية ضعيفة بحسب ما ذكره عماد، فأجاب عماد “نعم”. انتظر عماد السؤال التالي ولكن لم يكن هناك سؤالًا آخرًا، اكتفى المحقق بإجابة عماد، وأصبح عماد في وجهة نظر السلطات الأمريكية واحدًا من المنضمين لتنظيم القاعدة. ما لم يكن يعلمه عماد ولا الجندي الأمريكي هو أن عماد كان يقصد قرية القاعدة القريبة من القرية التي ولد فيها عماد حسن في اليمن!
وعلى أثر هذا التحقيق، تقرر نقل عماد حسن إلى معتقل غونتانامو في كوبا ليصل هناك في يونيو 2002، ويتحول إلى مجرد رقم كودي “680” داخل ملفات المعتقل! وهناك؛ خضع عماد للتحقيق مرة أخرى، ولكن في هذه المرة كان المترجم أفضل فأوضح لعماد أن المقصود هو تنظيم القاعدة، لينكر عماد أي صلة بالتنظيم، إلا أن الوقت كان متأخرًا وظن وقتها المحققين أن عماد يكذب ليبرأ ساحته. ووجهت له السلطات الأمريكية تهمة الانضمام إلى تنظيم القاعدة، والتدرب على القتال في معسكرات التنظيم في تورا بورا!
عانى عماد في معتقل غوانتانامو من التعذيب على يد المحققين والحراس، ودخل في إضراب مفتوح عن الطعام واجهته السطات الأمريكية بالتغذية الجبرية للحفاظ على حياته. وبذل محاموه جهدًا كبيرًا لإثبات براءته. وظل عماد في السجن حتى بعد إثبات براءته في عام 2009، وذلك بسبب صعوبة قبول أي دولة لأي أحد من المعتقلين السابقين في غوانتانامو. وفي 15 يونيو 2015، وجد عماد حسن نفسه في رحلة طويلة مرة آخرى بالطائرة ولكن؛ هذه المرة كانت الرحلة إلى سلطنة عمان حيث وافقت على استقباله على أراضيها لأسباب إنسانية، ليحصل عماد حسن أخيرًا وبعد 13 عامًا على حريته بعد أن ضاعت في الترجمة!